ads
رئيس التحرير
ads

الأستاذالدكتور غانم السعيد عميد كليتي الإعلام واللغة العربية السابق يكتب:كيف يستعيد الكتاب الجامعي مكانته بين الطلاب؟!

السبت 24-12-2022 21:05

كتب

إن من حق أبنائنا من طلاب الجامعات أن يتلقوا تعليما يتناسب مع عقليتهم في هذه المرحلة العمرية، حيث إن عقلياتهم قد نضجت، وأفكارهم قد اتسعت، ولم تعد تناسبهم دراسة القضايا الجزئية التي تعتمد على عنصرة الموضوع وتفتيته إلى جزئيات وفي كثير من الأحيان لا يستطيع الطالب أن يربط بين هذه الجزئيات لأن عقله لم يصل إلى هذه الدرجة من القدرة على الفهم والاستيعاب، وإن كان هذا قد يتناسب مع مرحلة ما قبل الجامعة فإنه لا يتناسب مطلقا مع مرحلة الجامعة لأن الطالب فيها يدرس قضايا كبرى فهما واستيعابا من خلال عرض كلي للقضية، فمثلا الطالب المتخصص في دراسة اللغة العربية لا يستطيع أن يفهم قضية الانتحال في الشعر في العصر الجاهلي إلا إذا كانت لديه القدرة على فهم كل أبعاد القضية، مستقصيا كل الآراء فيها لينتهي منها وقد أحاط بها من كل جوانبها
وإذا كانت ظروف كثيرة قد فرضت علينا كمجتمع أن نؤلف كتبا للطلاب في المناهج التي يدرسونها – وإن كان هذا ليس منصوصا عليه في قانون أو لائحة في أي جامعة أو كلية من الكليات، لأن الأساس في تدريس أي مادة علمية لأي منهج أن تعتمد على تحديد أستاذ المادة لطلابه موضوعات المنهج المقرر، وعلى كل طالب أن يكتب بحثا في كل موضوع من هذا الموضوعات ويناقشه فيه الأستاذ ويصبح هذا البحث مصدرا للامتحان مع بقية الأبحاث الأخرى التي عالجت موضوعات المادة، ومن هنا يتحول الطالب من مجرد متلق وحفاظ إلى بذرة باحث يستطيع أن يقرأ المادة من أكثر من مصدر ويبحث فبها ثم يكتبها محاورا ومناقشا ومستنتجا- وهذا هو المنهج المتبع في جامعات الغرب – ولذلك فإنهم يتفوقون علينا في الإبداع والابتكار.
وللأسف فإنه بالرغم من رضانا الاضطراري لتأليف كتب لطلابنا في المرحلة الجامعية – بخلاف ما عليه جامعات العالم – فإن هذا التأليف يأتي في كثير من الأحيان مشوها بسبب الأخطاء المنهجية التي يقع فيها كثير من المؤلفين، فإن معظم هذه الكتب لا تحتوي على كل مفردات المنهج، مما يعد بترا لمجال من المعرفة يجب أن يتلقاه الطالب في هذه المرحلة، وإذا أراد المؤلف أن يمر على مفردات المنهج حتى يكمل الملازم المقررة لكل مادة فإنه يملؤها بالغث مع الثمين ويكثر فيها من الحشو، والتطويل، مع كثرة الأخطاء المطبعية والإملائية والنحوية، فنقدم لطلابنا مادة علمية مشوهة تضر أكثر مما تنفع، وتعطل العقل عن العمل في العمر الذي يحتاج فيه الطالب أن يكون قادرا على الفهم والاستيعاب والاستنتاج.
ومما زاد الطين بلة اعتماد الكتاب الموحد على كل طلاب الكليات والأقسام المتخصصة – وعلى الرغم من المقاصد النبيلة من هذا المشروع – إلا أن البداية المتعجلة للمشروع اضطرت القائمين عليه في ذلك الوقت أن يختاروا من الكتب المعروضة أحسنها – وللأسف – فإن هذا الأحسن يعد في مقاييس التأليف سيئا جدا – وقلنا في هذا الوقت هذه أول تجربة، ودائما التجارب الأولى يكون فيها أخطاء يمكن تصحيحها في التجارب التالية، وبينما كان العمل يجري لتصحيح أخطاء التجربة الأولى، جاءت فكرة وضع المادة في تطبيق على هاتف الطالب، وجاء قرار التنفيذ متعجلا أيضا فكان النتيجة أن كل أخطاء التجربة الأولى لا تزال كما هي، وهي أخطاء مشوهة للمناهج في مناح كثيرة.
ولذلك فإنني أطالب من الآن أن تبدأ الجامعة في تكليف الأقسام العلمية في كل قطاع من قطاعاتها بأن يقوم الأساتذة بالتأليف في مناهج تخصصهم، وأن تجمع هذا المؤلفات أمام لجنة علمية عليا موثوق من أدائها لتختار أفضل الكتب في المقرر، على أن تحدد مكافأة معينة من عائد الكتب للأستاذ صاحب المنهج المتميز، ويتم تنزيل هذه الكتب على هواتف الطلاب بعد أن. استوفت جوانب النقص فيها.
وبذلك نعيد للكتاب الجامعي سواء كان ورقيا أو إكترونيا قيمته ومكانته في نفوس الطلاب.
ads

اضف تعليق