ads
رئيس التحرير
ads

الداعية / مصطفي شلبي من علماء الأزهرالشريف يكتب:الحرية الشخصية بين الحق والمسؤولية

الجمعة 19-12-2025 19:28

كتب

«الحرية الشخصية» كثيرًا ما تُرفع شعارًا لتبرير سلوكيات تتصادم مع القيم والأخلاق والآداب العامة، حتى ظن البعض أن الحرية تعني أن يفعل الإنسان ما يشاء دون قيد أو ضابط.
فهل الحرية الشخصية مطلقة؟ أم أنها مرتبطة بالمسؤولية واحترام المجتمع؟

أولًا: ما مفهوم الحرية الشخصية
الحرية الشخصية في أصلها نعمة عظيمة، وهي حق أصيل كفله الإسلام للإنسان، فحرر العقل من الخرافة، والنفس من العبودية لغير الله، والسلوك من الإكراه والظلم.
فالحرية تعني أن يختار الإنسان أفعاله بإرادته، ما دام اختياره لا يضر نفسه ولا يعتدي على غيره.
قال الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾
وهذا دليل على أن الإسلام قام على الاختيار الواعي و ليس بالإجبار.

ثانيًا: الحرية في الإسلام ليست فوضى
يخلط البعض بين الحرية والفوضى، بينما الإسلام يفرق بوضوح بينهما.
فالحرية في الإسلام منضبطة بالشرع، ومقيدة بالأخلاق، ومحكومة بمصلحة الفرد والمجتمع.

فالإنسان حر في ملبسه، لكن دون تعرٍ أو إسفاف.
وحر في كلامه، لكن دون سب أو فحش أو إيذاء.
وحر في تصرفاته، لكن دون الإضرار بالآخرين أو هدم القيم.
قال النبي ﷺ: «لا ضرر ولا ضرار»

ثالثًا: احترام القيم والآداب العامة
الآداب العامة ليست قيودًا على الحرية، بل هي سياج يحمي المجتمع من الانحلال والتفكك.
وهي تمثل الحد الأدنى من الأخلاق التي تحفظ كرامة الإنسان وتحقق السلم المجتمعي.

فحين يحترم الإنسان الذوق العام، ويصون الحياء، ويراعي مشاعر الآخرين، فإنه لا يفقد حريته، بل يرتقي بها.

قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾

رابعًا: مفهوم الحرية لدى الشباب
الشباب هم أكثر الفئات تعرضًا لخلط المفاهيم، خاصة مع تأثير وسائل التواصل والإعلام الذي يصور الانفلات الأخلاقي على أنه تحضر وتقدم.
والحقيقة أن المجتمعات لا تنهض بهدم قيمها، بل تتقدم بالجمع بين الحرية والالتزام.
فالحرية الحقيقية للشاب أن:
يتحرر من التقليد الأعمى الذي يطمس هويته ومن ضغط الموضات والسلوكيات الدخيلة
خامسًا: التوازن هو الحل
لا إفراط ولا تفريط…
فلا تشدد يخنق الحياة، ولا تسيب يهدم الأخلاق.
وإنما حرية واعية، مسؤولة، تحترم الإنسان في ذاته، وتحفظ المجتمع في قيمه.
لكن هذه الحرية لم تكن يومًا دعوة للفوضى أو الانحلال.
إن الحرية الشخصية حق، واحترام القيم واجب، ولا تعارض بينهما لمن فهم المعنى الصحيح للحرية.
فالحرية بلا أخلاق خطر، والأخلاق بلا وعي عبء،
أما الحرية الواعية الملتزمة بالقيم فهي طريق الرقي، وبوابة الإصلاح، وأساس بناء الأوطان

ads

اضف تعليق