ماجستير بالأزهر توصي باستلهام دور الموريسكيين الاندلسيين في الحفاظ على الهوية الإسلامية لدي الأقليات المسلمة المعاصرة
الجمعة 19-12-2025 19:06
كتب:أ.د.محمودالصاوي
تناولت رسالة الماجستير للباحث / محمود صبري عبدالنبي عبدالمحسن شريف ، إمام وخطيب ومدرس بمديرية أوقاف القليوبية، (دور الموريسكيين في الحفاظ على الهوية الإسلامية في القرنين التاسع والعاشر الهجريين “دراسة دعوية”).
هدفت الدراسة إلى الكشف عن الآليات التي اعتمدها الموريسكيون للحفاظ على هويتهم الإسلامية في ظل سياسات القمع والتنصير القسري التي فرضتها السلطات الإسبانية خلال القرنين التاسع والعاشر الهجريين، وإبراز أشكال المقاومة الثقافية والدينية التي مارسها المسلمون سرًا وعلنًا، رغم ظروف الاضطهاد والملاحقة.
وفي السياق ذاته، أشارت الدراسة التي حاز بها الباحث درجة التخصص الماجستير بتقدير(ممتاز) إلى أن قضية الموريسكيين تمثّل ظاهرة تاريخية وثقافية مركبة ذات دلالات دينية وتربوية واجتماعية عميقة؛ إذ إن تمسّك الموريسكيين بالهوية الإسلامية في القرنين التاسع والعاشر الهجريين لم يكن سلوكًا عاطفيًا أو انعزالًا فرديًا، بل كان نتاج وعي ديني وثقافي تشكّل في ظل ضغوط سياسية وتنصيرية ممنهجة، واستند إلى دوافع عقدية وأخلاقية ومعرفية، يمكن الإفادة منها في دراسة قضايا الهوية والصمود الثقافي للأقليات المسلمة.
وقد اعتمد الباحث في بحثه المنهج التاريخي التحليلي، من خلال دراسة المصادر العربية والإسبانية، وتحليل الوثائق الكنسية وقرارات محاكم التفتيش، إلى جانب كتب الفقه والنوازل والرسائل الإرشادية التي وُجهت إلى مسلمي الأندلس، مع ربط الأحداث بسياقاتها السياسية والاجتماعية والدينية.
وجاءت الدراسة في ثلاثة فصول، سبقتها مقدمة منهجية تناولت إشكالية البحث وأهميته وأهدافه وحدوده الزمانية والمكانية، ومنهجه ومصادره، وتضمن الفصل التمهيدي عرضًا تاريخيًا لمصطلح «الموريسكيين» ونشأة الظاهرة، وتطور أوضاع المسلمين في إسبانيا بعد سقوط غرناطة، مع بيان الإطار القانوني والديني الذي حَكم حياتهم.
وتناولت الفصول اللاحقة مظاهر الحفاظ على الهوية الإسلامية، وفي مقدمتها: التمسك بالعقيدة والشعائر الدينية سرًا، وتعليم القرآن الكريم واللغة العربية في البيوت، والحفاظ على الأسماء والعادات الإسلامية، وإحياء المناسبات الدينية في الخفاء، إضافة إلى دور المرأة الموريسكية في نقل القيم الدينية واللغوية داخل الأسرة، وأثر العلماء والفقهاء في توجيه الموريسكيين عبر الفتاوى والرسائل الفقهية.
كما أبرزت الدراسة أشكال المقاومة الثقافية والتربوية التي انتهجها الموريسكيون، مثل استخدام اللغة الأعجمية (الألخميادو) في كتابة النصوص الإسلامية بالحروف القشتالية، وتداول المصاحف والكتب الدينية سرًا، وتوظيف التقية بوصفها آلية فقهية لحفظ الدين والنفس، دون التفريط في جوهر الهوية الإسلامية.
وخلصت الدراسة إلى أن الموريسكيين لم يكونوا مجرد جماعة منكفئة على ذاتها، بل مارسوا منهجاً واعيًا للحفاظ على هويتهم الإسلامية عبر وسائل تربوية واجتماعية متكاملة، أسهمت في استمرار الوعي الديني والثقافي أجيالًا متعاقبة، رغم شدة القمع ومحاولات الطمس المنهجي.
وأكدت النتائج أن تجربة الموريسكيين تمثل نموذجًا تاريخيًا فريدًا للصمود الديني والثقافي، يمكن الإفادة منه في دراسات الأقليات المسلمة المعاصرة، وفي بناء مناهج تربوية تعزز الوعي بالهوية، وتوازن بين الثبات الديني والتكيّف الاجتماعي.
وأوصت الدراسة بضرورة تعميق البحث في الوثائق الإسبانية غير المنشورة، وتوسيع الدراسات المقارنة بين تجربة الموريسكيين وتجارب أقليات مسلمة أخرى، فضلًا عن إدراج هذه التجربة ضمن مقررات التاريخ الإسلامي والتربية الحضارية، لما تحمله من دلالات تربوية وإنسانية بالغة الأهمية.
وتألفت لجنة الإشراف والمناقشة من:
أ.د/ جمال الدين أحمد عبدالرحمن: أستاذ اللغة الإسبانية المتفرغ بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر بالقاهرة. (مشرفًا)
أ.د/ عادل الصاوي عبدالغفار أبو زيد: أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية المساعد بكلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية ووكيل الكلية للدراسات العليا (مشرفًا)
أ.د/ عبدالمنعم فؤاد محمود عثمان: أستاذ العقيدة والفلسفة وعميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين سابقاً والمشرف العام على الأروقة العلمية والتراثية بالأزهر الشريف. ( مناقشاً خارجياً)
أ.د/ نجاح عبدالله البياع : أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية المساعد المتفرغ. (مناقشًا داخليًا).
ونالت الرسالة ثناء لجنة المناقشة وتم منح الرسالة بتقدير عام ممتاز .
وشرفت الرسالة بحضور سعادة الأستاذ الدكتور محمود الصاوي أستاذ الثقافة الإسلامية والوكيل الأسبق لكليتي الدعوة والإعلام. بجامعة الأزهر



