ads
رئيس التحرير
ads

وكيل الأزهر: ‏رغم ما يمتلكه جيل «ألفا» من معارفَ فإنَّه يحتاج إلى مَن يحنو عليه ويخفِّف ‏عنه وطأة عالم السرعة

الثلاثاء 09-12-2025 13:03

كتب

كتب:أ.د.محمودالصاوي 

أكَّد فضيلة أ. د. محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أنَّ الأزهر الشريف يقوم بدورٍ عظيمٍ ومتقدم في تشكيل وعي الجيل «ألفا»، وتوجيه مساره، ويؤدِّي ‏‏دورًا محوريًّا في تطويره، دورًا يجمع بين ترسيخ الهويَّة وتحديث المعرفة، ويسعى لبناء شخصيَّة ‏‏متزنة، توفق بين ثوابت القِيم ومتغيِّرات العصر؛ فقد أطلق الأزهر مشاريع تطوير شاملة تمسُّ ‏‏المنهج، والمعلم، والطرق التعليميَّة، والبيئة الرقميَّة، ليقدم نموذجًا تربويًّا ينسجم مع طبيعة هذا ‏الجيل ‏ويساعِدُه على الاندماج في عالم متسارع.‏
وأشاد فضيلته بعقد المؤتمر الدولي الحادي عشر لكلية التربية للبنين بالقاهرة بعنوان ‏«الجيل ألفا والتربية: صناعة المستقبل وقيادة ‏التغيير»؛ ‏حيث يعكس المؤتمر الجهود الجادة للكليَّة في تحديد القضايا ‏الحيويَّة التي يجب أن ينشغل بها العلم والبحث، كما يجدِّد الثقة في قدرة قطاعات الأزهر ‏على القيام بدور ريادي في تحويل التعليم إلى قوَّة نهضة، وفي صناعة جيل قادر على الاندماج ‏في المستقبل وقيادة متغيِّراته بثقة ووعي واقتدار، انطلاقًا من رؤية مصر2030 بقيادة الرَّئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، التي تؤكِّد أنَّ التربية هي ‏المفتاح الرئيس في صناعة المستقبل، وأنَّ من الضرورة إعداد جيل يتمتع بالكفايات اللَّازمة ‏التي تضمن قدرته على التعامل مع العالم التكنولوجي وتوظيف معارفه ومهاراته في بناء وطننا ‏الحبيب مصر.‏
وقال وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم الاثنين بالمؤتمر الَّذي عُقِدَ بمركز الأزهر للمؤتمرات، إنَّ الجيل «ألفا» يعد جيلًا فريدًا في تاريخ التربية، ومن أكثر الأجيال تفردًا في ملامحه ‏وشموليَّة خصائصه؛ فهو أوَّل جيل يولد مغمورًا بالتقنيات الرقميَّة، غير منفصل عن الهواتف ‏الذكيَّة، والأجهزة اللوحيَّة، وأدوات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت تشكِّل وعيه وتبني مهاراته ‏منذ لحظاته الأولى، وهو يواجه جملةً من التحديات التربويَّة فرضها عليه الواقع المعاصر؛ ‏منها: تسارع المعرفة، وازدياد سرعة التغير، والارتباط المفرط بالشاشات، وغزو المضامين غير ‏المنضبطة لمساحاته اليومية، وهو ما يؤكِّد الحاجة إلى تربية متزنة توفِّق بين مهارات العصر وثوابت القيم، وتؤسِّس لوعي ناقد، ‏وعقل مبدع، وشخصيَّة قادرة على التعامل مع التقنية بحكمةٍ ووعيٍ رشيد.‏
وتابع فضيلتُه، إنَّ الجيل الحالي وُلِدَ في كنف التكنولوجيا والثورة الرقميَّة، فنَهَلَ من معارفها، واستفاد من ‏تقنياتها وما أتاحته من معارفَ وأدوات وفرص، غير أنَّ هذه التكنولوجيا نفسها قد ظلمَتْه ظلمًا ‏بليغًا حين سلبته بساطته، وسرقت من لحظاته أجمل معانيها، وألقته في دوَّامة لا تهدأ من ‏الإشعارات والمقارنات والضغوط النفسية، ظلمته حين أحاطته بسرعات ترهق الوعي، ومقارنات ‏تُربكُ الهويَّة، وضغوط تحمله فوق طاقته، فأصبح يعيش في عالم مفتوح بلا ضوابط كافية، ‏وتحت بريقٍ رقميٍّ يخطف الانتباه ويستنزف المشاعر، وصار يركضُ خلف زمن أسرع من ‏قدراته، ويبحث عن ذاته وسط ضجيج لا يعرف الصَّمت. ‏
ولفت وكيل الأزهر إلى أنَّ الجيل الحالي، رغم ما يمتلكه من قدرات ومعارف مكَّنته منها التقنيات ‏الحديثة، يظلُّ في أمسِّ الحاجة إلى مَن يحنو عليه، ويعيدُ له إنسانيته، ويخفِّف عنه وطأة عالم ‏سريع يفوق طاقتَه، ويُمسك بيده ليدلَّه على طريق الطُّمأنينة وسط هذا الضجيج المتصل، وأنَّ مستقبل الإنسان في زمن جيل «ألفا» مرهون بقدرتنا على أن نقدِّم له تعليمًا ينمِّي عقله، ويرعى ‏قلبَه، ويوفِّر له بيئة تربوية تعلِّمه كيف يستخدم التكنولوجيا دون أن يقع أسيرًا لها، وكيف يبني ‏ذاته دون أن يفقد جوهره.‏
وأشار وكيل الأزهر إلى أنَّ الأزهر الشريف يقوم بدورٍ محوريٍّ في هذا الشأن، فحدث المناهج في إطار يربط بين أصول الدين ومتطلبات الحياة ‏المعاصرة، وأدخل التعليم الرقمي ومنصات التعلم الإلكتروني، وعزز استخدام المواد المرئيَّة، ‏والأنشطة التفاعليَّة التي تناسب طبيعة جيل ينشأ في ظل التقنيات الحديثة، وأولى تدريب المعلمين عناية خاصة؛ لأنَّهم القيمة الحقيقيَّة في أي نهضة تعليمية؛ ويعد البعد القيمي والفكري من أهمِّ ما يقوم به الأزهر في خدمة جيل «ألفا»، كما عمل الأزهر -عبر قطاع المعاهد وإداراته التعليميَّة- على تطبيق معايير الجودة، وتحسين ‏البنية التحتيَّة للمعاهد، وفتح مجالات للتعلم الابتكاري، وتنمية مهارات البحث، والرياضات ‏الذهنيَّة، والبرمجة؛ لكي يجد الطالب فُرصًا أكبر للاستكشاف والإبداع.‏
وأضاف فضيلتُه أنَّ الأزهر في مسار قيادة التَّغيير، يعمل على إعداد جيل قادر على التفكير الناقد، وإدارة المعرفة، ‏وفَهم تحولات العالم، والتَّعامل الرشيد مع التقنيات المتجدِّدة، واستثمار الذَّكاء الاصطناعي فيما ‏ينمي طاقاتِه، ويعزِّز دوره في بناء المستقبل؛ ليتكامل دور الأزهر في مختلف قطاعاته ليصنع من جيل «ألفا» جيلًا قادرًا على الإدارة ‏والابتكار وتحمل المسؤولية، جيلًا يحسن توظيف التقنية بالعلم، ويهذبها بالقيم، ويقود التغيير ‏بوعي ينطلق من جذور الهوية وأفق المستقبل؛ بحيث يستطيع الأزهر بهذه الرُّؤية الشاملة أن يغرس في جيل «ألفا» معاني المسؤولية، وقيم ‏المواطنة، وروح الانتماء، وأن يمكنَه من أدوات القيادة المستقبليَّة التي تجمع بين الأصالة ‏والمعاصرة.
وأكَّد وكيل الأزهر أنَّ التعامل مع الجيل الرقمي -جيل ألفا- يحمل جملةً من التحديات، ويفرض واقعًا ‏تربويًّا جديدًا على المؤسسات التربوية والتعليميَّة، وأن تربية هذا الجيل تعتمد -في المقام الأول- على فَهم خصائصه النفسيَّة والمعرفيَّة، وإتاحة ‏الفرص له للتجربة والخطأ، ويتطلَّب إعداد الجيل «ألفا» لمواجهة تحدِّيات المستقبل تحويلًا عميقًا في النظم التعليميَّة، ‏يستجيب لمعطيات العصر، ويحفظ في الوقت نفسه ثوابت الهوية والقيم، والموازنة الرشيدة لا تقوم على الرَّفض المطلق للعولمة الرقميَّة، ولا على الذَّوبان ‏الكامِلِ فيها، وإنَّما تقوم على الوعي الناقد، والاختيار الواعي، والتَّفاعل المنضبط الذي يحسن ‏الإفادة من أدوات العصر دون أن يسمحَ لها بأن تنتزعَ منا جذورنا وقيمنا.‏
وفي ختام كلمتِه، أكَّد وكيل الأزهر أنَّ دور الأزهر الشريف دور محوري في هذه المرحلة، فهو القبلة العلميَّة التي تجمع بين ‏أصالةِ المعرفة وحداثة التَّطوير، وهو القادر على صياغة منهجٍ تربويٍّ يجمع بين نور الشرع ‏ومعطيات العلم الحديث، ويخرج أجيالًا قادرة على التوازن بين أصالتها وتطلعاتها نحو ‏المستقبل؛ فجيل «ألفا» يحتاج إلى عقل رقمي، وقلب نوراني، وقيم راسخة، وهذا ما يجمعه الأزهر ‏الشريف في مشروعه التربوي والعلمي والإصلاحي.‏
ads

اضف تعليق