التوصية بالطبع لدكتوراه بجامعة الأزهر عن المشروع الفكري للدكتور طه عبدالرحمن. —-
الثلاثاء 18-11-2025 20:11
كتب:أ.د محمود الصاوي
اوصت اللجنة العلمية المشكلة لمناقشة رسالة الدكتوراه للباحث: عبدالله محمد عبدالقادر – المدرس المساعد في قسم الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، جامعة الأزهر، (المشروع الفكري للدكتور طه عبدالرحمن – دراسة تحليلية). بمنحه درجة العالمية الدكتوراه في الثقافة الإسلامية بمرتبة الشرف الأولي مع التوصية بالطبع والتبادل مع الجامعات والمراكز البحثية
وكما بين الباحث د عبد الله عبد القادر فقد جاءت الدراسة لتسليط الضوء على معالم المشروع الفكري للدكتور طه عبدالرحمن، ووضعه على طاولة الفحص والتقويم، والوقوف على أهدافه ومميزاته، وبيان مدى جدية أطروحاته وفعاليتها وقدرتها على معالجة القضايا الفكرية التي تمس واقع الأمة الإسلامية.
وأشارت الدراسة التي حاز بها الباحث درجة العالمية (دكتوراه الدعوة والثقافة الإسلامية) إلى أن المفكر المغربي الدكتور طه عبدالرحمن من أصحاب المشاريع الفكرية النهضوية الرائدة في العالم الإسلامي والعربي، ومن المفكرين القلائل الذين أسهموا في تطوير المداخل التأسيسية والمعرفية للفكر الإسلامي المعاصر، وهو أحدُ الأقلام التي أثْرت الـخـَــزانة العربية بمؤلفات قيمة تميزت بالجدَّة والتأصيل والإبداع والثراء المعرفي، وجمعت بين شاعرية المعاني وصرامة المباني، وقد شكَّل بإنتاجه الفكري مشروعًا نهضويًا إحيائيًا تجديديًا رائدًا، يعبر بعمق عن الهوية والذاتية الإسلامية، ويسعى لبناء فكر عربي إسلامي أصيل ومتميز، يضاهي الفكر الغربي الحديث في بنائه المعرفي والمنهجي، ويخالفُه في منطلقاته وقيمه وتصوراته ومفاهيمه ومصطلحاته، ويكونُ قادرا على مواجهة التحديات الفكرية المعاصرة، والإجابةِ عن التساؤلات والإشكالات الراهنة، ولذا فلا غَرْوَ أن تقوم “الـمَجَلّة الأدبية الفرنسية” عام 2019م بترشيحه ضمن المفكرين الأكثر تأثيرا في العالم في القرن الواحد والعشرين.
ويدور المشروع الفكري للدكتور طه عبدالرحمن حول استئنافِ التحرير والتنوير للعقل المسلم، وتحصيلِ الأسباب التي جعلت المتقدمين يبدعون وينهضون، وظلت غايته من حربه على التقليد في اتجاهيه: التغريبي المنبهر بالحداثة الغربية ومنجزاتها الحضارية، والتقليدي المنكفئ على ذاته المنعزل عن متغيِّراتِ ومستجدات واقعه، أن يتحرر المثقف العربي من حالة الاغتراب والاستلاب الفكري، وأن يكون معتزا بالنظام المعرفي الإسلامي، ومحافظا على هُويته وخصوصيته، ومستلهما إبداعَه وتجديدَه من القيم والأصول الإسلامية.
وقد اعتمد الباحث في بحثه منهجية وصفية تحليلية تقوم على دراسة حياة الدكتور طه عبدالرحمن، وآثارها على مساره الفكري والمنهجي، وكشف الملامح العامة والأساسية لمشروعه الفكري من خلال مؤلفاته وأطروحاته العلمية، ودراسة آرائه في القضايا المطروحة، تفكيكا أو تركيبا أو تقويما.
وانتظمت الرسالة في ثلاثة أبواب سبقتها مقدمة وتمهيد، وذيلت بخاتمة تحتوي على أهم النتائج والتوصيات، كما تضمنت قائمة للمراجع والمصطلحات، وفهرس للموضوعات، وقد خصصت المقدمة لعرض أسباب اختيار الموضوع، وأهداف الدراسة، وتساؤلاتها، والدراسات السابقة، وصعوبات البحث، ومنهجه، ثم جاء التمهيد للتعريف بمصطلح (المشروع الفكري)، وتبعه ثلاثة أبواب، تناول الباب الأول الملامح العامة للمشروع الفكري للدكتور طه عبدالرحمن من حيث نشأته، وأبرز المؤثرات الفكرية في حياته، وأهداف مشروعه الفكري، وسماته المنهجية، وتناول الباب الثاني أبرز الجوانب النقدية في مشروعه الفكري مثل: نقد الأصول المعرفية للحداثة الغربية، ونقد القراءات التجزيئية للتراث الإسلامي، ونقد معوقات الإبداع في الممارسة الترجمية والفلسفية، وتناول الباب الثالث أبرز الجوانب التأسيسية والإبداعية في مشروعه الفكري مثل التأسيس للنظرية التكاملية في التعامل مع التراث الإسلامي، ومشروع فقه الفلسفة، والتأسيس للحداثة الإسلامية، وخُتمت الرسالة بأهم النتائج والتوصيات.
وقد خلصت الدراسة إلى أن الفكرة المركزية التي ينطلق منها د. طه عبدالرحمن في جميع أطروحاته التأكيدُ على ضرورة تحقيق التميز والاختلاف عن الثقافة الغربية في جميع جوانبها، وأن يكون للمسلم حداثةٌ تخصه، وثقافةٌ تميزه، وفلسفةٌ تعبر عنه، وإجابةٌ مستقلةٌ عن أسئلة زمانه، منطلقا في ذلك من قيمه وأصوله ومقتضيات مجاله التداولي العربي الإسلامي، بحيث يصبح مبدعا لا تابعا، ومنتجا لا مستهلكا، ومجددا لا مقلدا، وأن تكون ممارستُه لحقه في التميز والاختلاف الفكري والفلسفي من منطلق الندِّية والتعاون، لا من منطلق الاستعلاء والتعصب.
وقد أسفرت الدراسة عن مجموعة من التوصيات، من أبرزها: القيام بعمل مشروع علمي يتضمن جمع المقترحات النهضوية التي قدمها علماء الأمة ومفكروها وباحثوها في جميع المجالات الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وصياغتُها في صورة موادٍّ عملية تطبيقية، وتقديمُها لأولى الأمر للإفادة منها في تحقيق النهوض الحضاري للأمة الإسلامية.
وتألفت لجنة الإشراف والمناقشة من:
أ.د/ محيي الدين عفيفي أحمد – الأستاذ المتفرغ بقسم الثقافة الإسلامية، والأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف (مشرفا)
أ.د/ بكر زكي عوض – العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، ومقرر اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في تخصص الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر (مناقشا خارجيا)
أ.د/ محمد رمضان أبو بكر – الأستاذ في قسم الثقافة الإسلامية، ووكيل كلية الدعوة الإسلامية لشئون التعليم والطلاب (مناقشا داخليا)
أ.د/ محمود رشاد محمد عبدالنبي – الأستاذ المساعد في قسم الثقافة الإسلامية (مشرفا مشاركا).


