الرئيسية آخرالاخبار أحداث عالمية أخبار العالم أخبار عاجلة أخبار عالمية أخبار عربية أخبارالعالم العربي الرئيسية الصحافة العالمية صحافة عالمية
خلال كلمته في احتفال نقابة الصِّحافيين بذِكرى المولد النبوي.. أمين (البحوث الإسلاميَّة): الإمام الأكبر يلفت ناظر القلوب بكل الإمكانات الشريفة نحو ترسيخ القيم النبوية وتعزيز الهوية وصدق الانتماء.
الأحد 07-09-2025 13:28

إبراهيم شحاته
ألقى فضيلة أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، مساء امس، كلمةً خلال الاحتفال الذي نظَّمته نقابة الصِّحافيين بمناسبة ذِكرى المولد النَّبوي الشريف، بحضور وزير الأوقاف ونقيب الصحفيين، تناول فيها الأبعاد الشرعيَّة والعقليَّة والإنسانيَّة لإحياء هذه الذِّكرى العطرة.
وقال الدكتور الجندي في كلمته: إنَّ الاحتفال بالمولد النبوي يكون باجتماع الناس لقراءة السيرة العطرة، وذِكر شمائل النبي ﷺ، وشُكْر الله -تعالى- على نعمة بعثته، وقد يُقرَن بالمدائح والإنشاد وإطعام الطعام، مؤكِّدًا أنَّ النصوص الشرعيَّة تؤصِّل لهذا المعنى؛ فالقرآن الكريم نصَّ على الفرح بفضل الله ورحمته في قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}، وفسَّر العلماء (رحمته) بأنَّها النبيُّ ﷺ، كما أنَّ الرسول ﷺ صرَّح بأنَّ صيام يوم الاثنين شُكرٌ لله؛ لأنَّه يوم مولده وبعثته.
وأضاف قائلًا: إن الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر يلفت ناظر القلوب بكل الإمكانات الشريفة نحو ترسيخ القيم النبوية وتعزيز الهوية وصدق الانتماء لإنسانية سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، لافتًا إلى أن المهن الوطنية كلها روافد تستقي أخلاقها من معين القلب الأنور قلب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحافة مهنة تلتقي مع مهمة الرسالات السماوية عند ضابط صدق البلاغ، مؤكدًا أن الاحتفال بذكرى ميلاد النبي ﷺ لا ينبغي أبدًا أن يقتصر على حظ النفس والروح فقط، فبينما تفرح النفس وتسبح الروح في حب الرسول، يجب أن يكون للعقل حظ أوفر من هذا الاحتفال، فالعقل مدعو ليتدبر ويستقرئ المعاني الجليلة التي تضيء له الطريق، لكي يصوغ مستقبله ويتجاوز تحديات حاضره.
وأشار الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة إلى أقوال العلماء؛ مثل: ابن حجر العسقلاني الذي وصف المولد بالبدعة الحسنة، والإمام السيوطي الذي عدَّه مظهرًا من مظاهر شُكْر الله على نِعمة بروز النبي ﷺ، مبيِّنًا أنَّ هذه الذِّكرى تُحقِّق مقاصدَ شرعيَّةً عظيمةً؛ فهي وسيلةٌ لإحياء السيرة، وتجديدُ الارتباط بالقدوة، ومظهرٌ من مظاهر المحبَّة التي هي أصل في الإيمان، مذكِّرًا بقول النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من نفْسه وولده والناس أجمعين».
وشدَّد فضيلته على أنَّ القول بتحريم الاحتفال بالمولد النَّبوي على الإطلاق غير صحيح؛ لأنَّ البدع تنقسم إلى: (حسنة، وسيِّئة)، والمولد من البدع الحسنة ما دام منضبطًا بالشرع، وأنَّ الخلط بين الاحتفال وبعض الممارسات الخاطئة –مثل: الغلو، أو الإسراف، أو الاختلاط– مردودٌ؛ لأنَّ هذه الممارسات ليست من جوهر المولد، وإنما هي طارئة تُستنكَر وحدها.
كما شدَّد على أنَّ عدم فعل الصحابة للاحتفال بالمولد النَّبوي لا ينفي مشروعيَّته، لافتًا إلى أنَّ هناك أمورًا كثيرة أقرَّها المسلمون بعدهم؛ مثل: جَمْع القرآن الكريم في مصحف واحد، والأذان الأوَّل للجمعة، وصلاة التراويح جماعة في شهر رمضان.
وانتقل الدكتور محمد الجندي للحديث عن دَور الصِّحافة، موضِّحًا أنَّ الإعلام الأمين جزءٌ أصيلٌ من تبليغ الرسالة، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَر}، مشيرًا إلى أنَّ الصِّحافي المسلم وريثٌ لمهمَّة «الشهادة على الناس»، وأنَّ المؤرِّخين الأوائل مثل: (الطبري، وابن كثير، وابن سعد) كانوا بمنزلة صِحافة توثيقيَّة في زمانهم.
وأشاد الدكتور الجندي بالدَّور البطولي للصِّحافيين في غزَّة، الذين تحوَّلت أقلامهم وعدساتهم إلى سلاح في مواجهة آلة الاحتلال، فصاروا شُهودًا على الحقيقة، وحُرَّاسًا للذاكرة الفلسطينيَّة، حتى قدَّم كثير منهم أرواحهم، مؤكِّدًا أنَّ الصِّحافة في غزَّة تمثِّل خطَّ الدفاع الدِّيني والأخلاقي عن القضيَّة الفلسطينيَّة، وتؤدِّي رسالة بالكلمة والصورة.
وقال في كلمته: السادة الكرام من صحفيي مصر وكتابها وإعلامييها، أقف أمامكم اليوم في هذا الصرح العظيم، في احتفالكم المشهود بذكرى ميلاد سيد الكائنات وخاتم المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ذلكم النبي العظيم الذي حمل رسالة الحق والعدالة، تلكم الرسالة لا تختلف في جوهرها عن الرسالة التي هي بين أيدكم اليوم، فكلاهما يسعى لإجلاء الحقيقة، ونشر الخير، وإقامة العدل.
وخاطب الصحفيين قائلًا: السادة الإجلاء الصحفيين الكرام، إن أروع ما يصف مهنة الصحافة هو قول الحق سبحانه وتعالى في محكم التنزيل “ن والقلم وما يسطرون” هذه الآية الكريمة ليست مجرد قسم، بل هي تكريم إلهي للقلم والكتابة، فالله سبحانه وتعالى يقسم بـ القلم وما يكتبه، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عظمة هذا الأداة وقيمتها.
وأكد أن دور الصحفيين في غزة من أهم الأدوار لخدمة القضية والإنسانية، فالصحفي لم يعد مجرد ناقل خبر، بل صار شاهد صدق على المحاسن والجرائم، ولسان حال للواقع الإنساني، وحارساً للذاكرة، وما قام به زملائكم في غزة خير شهادة على تلكم المكانة والمسؤولية العظيمة التي تقع على عاتقكم، ولقد تحولت عدساتهم إلى عيون للعالم، تكشف الحقيقة وتفضح الزيف، وتجعل من الكلمة والصورة جهاداً في سبيل الله والوطن، كما عبرت كلماتهم عن حال أهلنا في غزة خير تعبير وأصبح العالم يشاهد الحقيقة كامله من خلالهم، لا كما حاول الكيان الصهيوني أن يرسخها زيفًا في العقول.
وختم الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة كلمته بتأكيد أنَّ الصِّحافة تؤدِّي دَورًا إصلاحيًّا مثاليًّا؛ من خلال تصحيح المفاهيم، ومواجهة الإعلام المضلِّل، وبناء وعي الأمَّة، ورَبْطها بقضيَّتها المركزيَّة، وتربية الأجيال على الصمود والتمسُّك بالأرض والهُويَّة، داعيًا إلى تقدير دَور الصِّحافيين الصَّادقين وحماية رسالتهم؛ ليظلُّوا صوتًا للحق ونورًا يهدي الضَّمائر.
