ads
رئيس التحرير
ads

الأستاذ الدكتور/ أحمد الشرقاوي رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية يكتب:قيم تعليمية في ثقافة احترام النظام العام . التعليم… والتنمية الذهنية (28)

الخميس 12-06-2025 17:53

كتب

قيم تعليمية في ثقافة احترام النظام العام .
التعليم… والتنمية الذهنية (28)
بقلم 🖊
الأستاذ الدكتور/ أحمد الشرقاوي
رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم
بقطاع المعاهد الأزهرية
لقد وهب الله- عز وجل – الأزهر لمصر، ووهب مصر للعالم أجمع، ليقوم أزهرها الشريف بهذا الدور الرئيس في حماية العقول من الخلل وصون الأفكار من الزلل، على نحو يسهم بفاعلية في بناء النشء، وتنمية الذهن، وإرساء قواعد الأمن، وترسيخ مبادئ السِّلم المجتمعي، انطلاقًا من وراثته الحقة لرسالة الأنبياء والمرسلين في التمسك بأصول الوسطية وقواعد الدين؛ عملًا بقوله تعالى: ” وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا ” سورة البقرة، آية رقم ” 143 “.
فالتعليم إنما يستهدف بناء الإنسان في نفسه وعقله، في فكره وعقيدته، في سفره وحضره، في تعليمه وتعلمه، في معارفه وثقافته، في أدبه وأخلاقه. قال الله تعالى في شأن النفس البشرية: “( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)” ]الشمس: 9،10[“، فالله – عز وجل- كرم الإنسان أعظم تكريم وأمده بأسباب التزكية والتكوين العقلي والفكري والبناء المعرفي، ورزقه من الطيبات المتنوعة، وفضله على كثير من خلقه تفضيلا؛ لذا فقد وجب صون الإنسان في حياته ونمائه، تنمية لقدراته وإنماء لمهاراته. قال الله تعالى في شأن تعظيم الحق في الحياة وكمال النفس البشرية:{ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32]، وما كان ذلك إلا تجسيدًا لاستبقاء بناء الإنسان في أطواره المتتابعة ومراحله المتعاقبة، واستبقاء حصانته في بقاء تكامله واستدامة تعاونه، تعزيزًا لثقته في نفسه وتنمية معارفه وإيصال علمه ونفعه إلى غيره، وعليه فقد وجب أن يكون هناك وعي حقيقي وثقافة معتبرة على نحو يحفظه من التعدي، ويدفع عنه العبث بمختلف صوره وأشكاله.
وهنا يأتي دور مؤسسات التعليم وهيئاته المختلفة في تحقيق منظومة تعليمية متكاملة من أجل بناء الإنسان في عقله، وتنميه ذهنه وتكامله الإنساني في مختلف الجوانب المعرفية، والثقافية، والأخلاقية، وغيرها مما يمس الإنسان في سائر أنماطه الحياتية والمعيشية.
وبناء على ما تقدم أقول: إن التنمية الذهنية هي:
تنمية مهارة، وإنماء جدارة، وحكمة تصرف، التنمية الذهنية: حصانة ذهن، ورشد عقل، واستقامة فكر، التنمية الذهنية: بذل عطاء، وإحسان أداء، وتعزيز ثقة بالنفس القويمة، التنمية الذهنية: إيجاد بدائل، واستدامة عوائد، وخشية عواقب، وتجاوز شدائد في مختلف الجوانب الحياتية.
من هنا فقد حث الشرع الشريف على تحصيل العلم والتعمق فيه والتمرس عليه. يقول أحد البلغاء: من أمضى يومًا من عُمُره في غير حق قضاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أصَّله، أو حمد حصَّله، أو خير أسَّسه، أو علم اقتبسه، فقد عقَّ يومَه وظلم نفسَه.
فالتعليم طبقا لنص المادة 19 من الدستور المصري الصادر في 2014 م له أهداف رئيسة، نص عليها المشرع الدستوري في هذه المادة بقوله: “التعليم حق لكل مواطن، هدفه: بناء الشخصية المصرية، الحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وإرساء القيم الروحية والحضارية، وترسيخ مبادئ المواطنة ونشر التسامح وعدم التمييز”.
فإذا ما توفرت هذه الأهداف في مجتمع ما، فقد أضفت عليه رقيًّا ساميًا، وتحضرًا عاليًا، وثقافة شاملة، ومعارف متكاملة من أجل بناء الإنسان وصون الأوطان.
وعليه أقول: إن التعليم يجب أن يقوم على أسس علمية ويحقق تربية متوازنة، تحصيلًا للارتقاء بالنفس البشرية وبقائها على نزاهتها الإنسانية، نماءً وأداءً, معرفة وثقافة. من هنا كان لزامًا أن يدرك المعلمون جميعًا أنهم مسئولون عن بناء أنفسهم، وسلامة تصرفاتهم، واستقامة أفكارهم، وصون سلوكهم، وأنه لا حصانة لأحد منهم في دنيا الناس إلا بحسبان عمله، ورفعة أخلاقه، وسَعَة أثره، وسلامة تصرفه.
وبناء على ما تقدم يجب أن يسهم التعليم والتدريب في تنمية الذهن وصون العقل وحماية الفكر، يقول أبو الطيب المتنبي:
يَهُونُ عَلَيْنَا أَنْ تُصَابَ جُسُومُنَا
وَتَسْلَمَ أَعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ.
الأستاذ الدكتور/ أحمد الشرقاوي رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم
بقطاع المعاهد الأزهرية 
ads

اضف تعليق