السلسلة الإيمانية مع فضيلةالدكتور/محمود عبد الدايم على الجندى ويكتب اليوم :فضل العشر الأواخر من رمضان.
الأحد 23-03-2025 01:08

أولآ: أهمية العشر الأواخر
ها هي ايام رمضان ولياليه قد أوشكت على الانتهاء ، وها قد مر من رمضان عشره الأوائل ثم عشره الأواسط، ولم يبق من رمضاه الا الثلث الأخير والعشر الأواخر..
وإذا كان اهل العلم قد اتفقوا على أن شهر رمضان هو خير الشهور وأفضلها، فإنهم قد اتفقوا أيضا على أن العشر الأواخر منه هي أفضل ما فيه وأعظم لياليه؛ الفضل كله والخير كله.. وأعظمها بالإجماع ليلة القدر فهي أفضل العشر بل أفضل ليلة في الوجود.
وإذا كان رمضان قد قارب الرحيل فإن “العبد المُوَفَق من أدرك أن حُسْن النهاية يطمس تقصير البداية، فعليك ان تجتهد فما اعلمك فقد تكون البركة في نهايته فانما الاعمال بالخواتم.
ثانيآ: خصائص العشر وحال النبي صلى الله عليه وسلم فيها:
* لقد خص الله تعالى العشر الأواخر من رمضان بمزايا لا توجد في غيرها، وقد خصها رسولالله صلى الله عليه وسلم بأعمال لم يكن يفعلها في غيرها. فمن ذلك:
* فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) رواه مسلم.
* وكان صلى الله عليه وسلم يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدَّ وشدَّ المئزر) رواه مسلم.
ففي “الصحيحين” عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الاعتكاف فيها حتى قبض.
و كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان والاعتكاف معناه فى اللغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه.
وتعريفه شرعاً: “المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصوصة”.
والأصل في الاعتكاف أنه عزوف عن الدنيا وانقطاع للعبادة وتخلية للنفس عن التشاغل بغير الطاعات والقربات. فينبغي للمعتكف أن يتقلل من الطعام والشراب حتى لا يثقل عن العبادة والطاعة.
* وما كان اجتهاده واعتكافه صلى الله عليه وسلم إلا تفرغاً للعبادة، وتحرياً لليلة القدر، هذه الليلة المباركة، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر، فقال سبحانه: {ليلة القدر خير من ألف شهر}(القدر:3).
كما أن هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والسعداء والأشقياء، والآجال والأرزاق، قال تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}
(الدخان:4).
* هذه الليلة المباركة يُستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الأوتار آكد، فقد ثبت في “الصحيحين” أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى)، وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) رواه البخاري.
وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أرأيتَ إن وافقتُ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه أحمد وغيره.
أخى الكريم، أختى الكريمة استدركوا في آخر شهركم ما فاتكم من أوله، وأحسنوا خاتمته فإنما الأعمال بالخواتيم، ومن أحسن فيما بقي غفر له ما قد مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي، وتعرضوا لنفحات الغفور الحليم، الرحيم القدير..
اللهم يا حي يا قيوم اكتب ما عندك من اهل رمضان الذين صام رمضان ايمانا واحتسابا وقام رمضان ايمانا واحتسابا ووفقنا يا ربنا من اهل ليله القدر امين امين يا رب العالمين.
فضيلة الدكتور/ محمود عبد الدايم الجندى.