ads
رئيس التحرير
ads

السلسلة الإيمانية مع أ.د.عصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية للدراسات العليا والبحوث بجرجا…هل الحجاب يزيد المرأة جمالًا؟

الأحد 16-02-2025 21:56

كتب

أعزّائي قرّاء التايمز الدولية في الداخل والخارج

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نبدأ معكم من الآن السلسلة الإيمانية

والتي نفسح فيها المجال لجميع العلماء والمشايخ في شتي بقاع الأرض

واليوم مع الأستاذ الدكتور عصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية للدراسات العليا والبحوث بجرجا

2

نسمع ونقرأ كثيرا عبارة : ( إن الحجاب يزيد المرأة جمالا ) .
وهي عبارة تتردد كثيرا على ألسنة المتحدثين ، وفي كتابات الكتاب .
فما مدى صحة هذه العبارة من الوجهة الشرعية؟ وهل الحجابُ _حقَا_ يزيد المرأة جمالا؟
الحقيقة أن الحجاب إنما شُرع لصون المرأة وسترها، وإخفاء جمالها عن أعين الناظرين المتطفلين أصحاب النيات الخبيثة.
فالمقصود الشرعي من الحجاب هو إخفاء جمال المرأة، لا إظهاره أو زيادته، وعلى هذا فالقول بأن( الحجاب يزيد المرأة جمالا ) إن كان يُراد به الجمال الحسيّ فهو قول مجانب للصواب، بل مخالف للمقصود الشرعي من فرضية الحجاب .
صحيح أن الحجاب يزيد المرأة جمالا، لكنه جمال من نوع آخر هو جمال الستر والعفاف، والحشمة والوقار.
فالحجاب وشاح يتهادى على أكتاف المرأة ليُخبر العالم بأن الجمال ليس في ملامح الجسد ، بل في بهاء الروح وسمو المعنى.
حين خلق الله المرأة، جعلها كالجوهرة الثمينة، تُصان عن أعين الفضوليين وتُحفظ عن عبث الناظرين، وجعل الحجاب سترًا، لكنه ليس سترًا يطمس الجمال، بل هو تاج يُبقي للمرأة هيبتها، ويرفعها عن مواضع الشُّبهة ، ليُرسخ مكانتها كروحٍ عظيمة تحمل رسالة أسمى من المظهر.
الحجاب نداءٌ خفي تُخاطب المرأةُ به العالم: “أنا ملكة أكرمني الله، فرفعني فوق المظاهر ، وجعلني رمزًا للحياء والإيمان”.
إنه سورٌ منيع يحمي المرأة من أعين تلهث خلف الماديات، ويصونها من ذئاب لا ترى في الإنسان سوى الجسد.
إن الجمال الحسي يذبل كزهرةٍ سرعان ما تذبل، أما الجمال المعنوي، فهو كالنهر الجاري، لا ينضب ولا يجف، بل يزداد تدفقا كلما مر عليه الزمن.
المرأة التي ترتدي الحجاب تُدرك هذه الحقيقة، فهي لا تُسلم نفسها لمعايير الجمال الفانية، بل تسمو بروحها نحو الجمال الذي لا يزول: جمال الأخلاق، جمال الطهر، جمال التقوى.
الحجاب يمنح المرأة هيبةً تجعل كل من ينظر إليها يُدرك أنها ليست كأي امرأة، فهي ليست سلعة تُعرض ولا صورة تُستعرَض، بل هي ملكة متوجة على عرش الوقار.
قد يُخطئ من يظن أن الحجاب قيودٌ تُقيد حرية المرأة، بل هو تاجٌ يُزينها، ويرفعها فوق سطحية النظرات، ويضعها في مكانها الحقيقي: ملكةً في عالمٍ يعج بالزيف.
الحجاب ليس مجرد التزامٍ بشري، بل هو عبادةٌ ترتقي بها المرأة في درجات الكرامة الإنسانية، فتُصبح أقرب إلى النقاء الذي يُريده الله لها.
الحجاب ليس عائقًا للجمال، بل هو معراجٌ إليه، ليس مانعًا للحرية، بل هو بوابةٌ نحو حرية الروح من قيود المظاهر.
إنه يُعيد تعريف الجمال ليُصبح جوهرًا، ويُعيد للمرأة مكانتها التي تستحقها: جوهرةً محفوظة، وعفافًا يمشي على الأرض.
ولكن، أيكون إخفاء الجمال أمرًا يسيرًا على الأنثى؟ كلا، فالنفس البشرية، لا سيما في المرأة فُطرت على حب الزينة والتجمل، فهي تجد في هذا التكليف امتحانًا لميلها الفطري، وصراعًا بين رغبة التزين ورقي الامتثال.
وهنا تتجلى عظمة الامتحان، حين يكون الحجاب بوابةً لاختبار الإرادة، ومدرسةً للصبر، وميدانًا ترتقي فيه الروح فوق شهوات الجسد.
إن هذا التحدي الذي تواجهه النساء في التزام الحجاب ليس نقصًا، بل رفعة، وليس قيدًا، بل انعتاقٌ من أسْر السطحية التي تحصر قيمة المرأة في مظهرها.
إنه انحيازٌ إلى الجوهر، واستعلاءٌ عن كون الجمال سلعةً تُعرض للعيون، ليكون بدلاً من ذلك كنزًا مصونًا، لا ينكشف.
هكذا يكون الحجاب امتحانًا للمرأة في صبرها على الإخفاء، وامتحانًا للمجتمع في قدرته على تقدير المرأة لما فيها من فكرٍ وروح، لا لما فيها من زينةٍ ومظهر.
إن الحجاب ليس مجرد سترٍ للجمال، بل دعوةٌ إلى إعادة تعريفه، ليكون جمال الروح والأخلاق هو المقياس الأول، حيث لا يُغَيِّب الحجاب قيمة المرأة، بل يعيد لها مكانتها الحقيقية، بعيدًا عن اختزالها في نظرةٍ عابرة.
 بقلم الأستاذ الدكتور عصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية للدراسات العليا والبحوث بجرجا
ads

اضف تعليق