قال فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عيّاد مفتي الديار المصرية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في كلمته خلال احتفالية الأزهر الشريف باليوم العالمي للغة العربية: إن الله تعالى قد قضى للغة العربية بالأبدية، حين اصطفاها لغة كتابه العزيز، ولسان نبيه الأمين في تبليغ دعوته للعالمين، فاستطاعت اللغة العربية دون غيرها من اللغات القديمة أن تنقل للبشر آخر الكتب السماوية، فكانت تلك ميزة ميزها الله بها، وكتب لها الحفظ بتعهده تعالى حفظ كتابه؛ فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

وأكد فضيلته أن سر قوة اللغة العربية وجمالها يكمن في بنائها المحكم، فهي لغة المعاني البليغة، والأساليب الفصيحة، تعلو بالاشتقاق والتوسع في الألفاظ، وتتشامخ بالإيجاز والنحت، وتختال بظاهرة الإعراب والصرف التي لا توجد بصورة تامة في أي لغة أخرى، وتشرف بتناسب حروف ألفاظها ومعانيها، وتسمو بالصور البيانية، والأساليب البلاغية، والمحسنات البديعة، وترقى بقدرتها على قبول ما دخلها من ألفاظ غير عربية وتعريبها، وإخضاعها للقواعد العربية.

ونبّه فضيلته على أننا وبفخر أمام لغة تخفق أمام قوتها اللغات، فلا تربو على مزاحمتها، ولا تتمكن من سباقها، ولا تقدر على مبارزتها، وتعجز عن مساجلتها، وأنه يدرك هذا بوضوح من لامست يده ترجمة القرآن للغات أخرى، فيرى كيف يقف اللفظ المترجم عاجزا في أحايين كثيرة في نقل التصوير البلاغي والإعجاز اللغوي في اللفظة العربية الفصيحة، والتركيب العربي المبين للآيات.

وأشار فضيلته إلى أن الله تعالى قد أنعم الله علينا وزاد أزهرنا الشريف تشريفا بأن قيضه ليكون سببا من أهم أسباب الحفاظ على اللغة العربية على مر تاريخه، فكان الباعث للمحافظة على هويتنا الدينية والقومية والثقافية.

واستشهد فضيلة المفتي بكلام فضيلة الإمام الطيب الأستاذ الدكتور أحمد الطيب (حفظه الله ورعاه): “الأزهر هو حارس على اللغة العربية وقد شرَّفه الله بحمايتها في وجه موجات الاستعمار والتغريب، ولذلك لم ينجح الاستعمار في تغيير اللسان العربي في مصر، وظلت محتفظة بهويتها اللغوية والثقافية بفضل الأزهر الشريف”.

جاء هذا في الكلمة التي شارك بها فضيلة مفتي الجمهورية في احتفالية الأزهر الشريف باليوم العالمي للغة العربية بمركز الأزهر للمؤتمرات صباح اليوم.