ads
رئيس التحرير
ads

بين الخوف والرجاء… للأستاذالدكتورعطيه السيدوكيل كلية التربيةجامعةالأزهرللدراسات العلياوالبحوث ,ومستشاررئيس مجلس إدارةالهيئةالقوميةلضمان جودةالتعليم والإعتماد

السبت 02-03-2024 09:20

كتب

أيام قلائل تفصلنا عن أعظم الشهور وأفضل الأيام..
أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالخير والصحة والعافية والستر والإيمان..
وواجب المسلم أن يستعد لشهر رمضان بأن يعقد العزم والنية علي ألا يمر عليه الشهر الكريم إلا بذنب مغفور وعمل مقبول..
واعلم حفظك الله أن من أعظم الأمور التي تعين علي إيقاظ القلوب هو أن تمتلأ بالخوف من الله جل في علاه،، وهو حقيق بأن نخاف منه ونخشاه،، خوفا لا يمنعها من الرجاء فيه وحسن الظن به،، وهو سبحانه حقيق بأن نحسن به الظن ونرجوه..
والتوازن بين الخوف من الله والرجاء فيه منهج قرآني، وسبيل رباني، وهدي نبوي، وسنة مضي عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والسلف والتابعين..
جاءت الآيات القرآنية لتوضح أن للإستقامة علي منهج الله جناحان،، إن مال أحدهما خسر المؤمن نفسه ودينه،، وإن استقاما استقام إيمان العبد وكان أهلا لمرضات ربه،، هذان الجناحان هما : “الخوف والرجاء”..
قال الله وهو أصدق القائلين :
– “نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ”.. “الحجر : ٤٩-٥٠”..
أخبر عباده بأنه غفور رحيم، وحتى لا يغتروا برحمته أتبعها بأن عذابه هو العذاب الأليم..
– “اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.. “المائدة : ٩٨”..
خَوَّفَ عباده من شديد عقابه، وحتى لا يقنطوا ذكرهم بواسع رحمته وعظيم مغفرته..
– “إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ”.. “فصلت : ٤٣”..
– “وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ”.. “الرعد : ٦”..
ومثل هذا في القرآن الكريم كثير،، فهذا منهج رباني لإصلاح النفس الذي لا يكون إلا بالتوازن بين الرغبة والرهبة، بين الخوف والطمع، بين الرجاء والوجل..
ولذلك كان الخوف من الله والرجاء فيه هو سبيل الأنبياء والمرسلين والصالحين :
بين لنا الحق جل وعلا أن الخوف والرجاء كانا طريق الأنبياء،، قال عز من قائل : “إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”.. “الأنبياء : ٩٠”..
وعلي نهج الأنبياء مضي أهل الإيمان : “إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ”.. “السجدة : ١٥-١٦”..
ولهذا أمرنا الحق جميعا،، وهو أعلم بما يصلح نفوس عباده،، بأن نعبده وندعوه ونحن دوما بين الخوف والرجاء : “ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”.. “الأعراف : ٥٥-٥٦”..
وفي سنة الحبيب صلي الله عليه وسلم ما يدل على أن سبيل النجاة والفوز بالجنان لا يكون إلا لمن مضي إلي ربه بين الخوف والرجاء..
– عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلَ على شابٍّ وَهوَ في الموتِ فقالَ : “كيفَ تجدُكَ ؟”،، قالَ واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أرجو اللَّهَ وإنِّي أخافُ ذنوبي،، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : “لا يجتَمِعانِ في قلبِ عبدٍ في مثلِ هذا الموطِنِ إلَّا أعطاهُ اللَّهُ ما يرجو وآمنَهُ ممَّا يخافُ”.. “صحيح الترمذي”..
– وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “لو يَعْلَمُ المؤمِنَ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ العُقُوبَةِ ما طَمِعَ بجَنَّتِهِ أحَدٌ،، ولو يَعْلَمُ الكافِرُ ما عندَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، ما قَنَطَ مِنْ رَحْمَتِهِ أحَدٌ”.. “صحيح مسلم”..
وعلي هدي القرآن الكريم ونهج الأنبياء والمرسلين،، مضي الصحابة والسلف والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين :
– هذا هو الصديق أبو بكر يوصي الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فيقول : “إن الله لما ذكر أهل الجنة ذكرهم بأحسن أعمالهم، وتجاوز عن سيئاتهم، فإذا ذكرتهم خشيت ألا أكون منهم.. وعندما ذكر أهل النار ذكرهم بأسوأ أعمالهم، ورد عليهم حسناتهم، فإذا ذكرتهم رجوت ألا أكون منهم”..
الصديق رضي الله عنه يخشى ألا يكون من أهل الجنة،، ويرجو ألا يكون من أهل النار !!
– وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : “والله لو أن مناديًا من السماء نادى ليدخل الناس أجمعون الجنة إلا واحدًا لخشيت أن أكون أنا هذا الواحد، ولو نادى مناد من السماء ليدخل الناس أجمعون النار إلا واحدًا لرجوت أن أكون أنا هذا الواحد”.. “حلية الأولياء”..
فما أعظم هذا الخوف من الله،، وما أعظم هذا الرجاء…
يارب : نسألك خوف العالمين بك،، وعلم الخائفين منك،، ويقين المتوكلين عليك..
يارب : نسألك رجاء الراغبين فيك،، وزهد الطالبين إليك،، وورع المحبين لك،، وتقوى المتشوقين إليك..
يارب : بلغنا شهر رمضان،، واجعلنا فيه الصائمين المقبولين،، ومن الرابحين الفائزين..
يارب : علمنا ما ينفعنا،، وانفعنا بما علمتنا،، وزدنا علما،، واجعلنا من الراشدين..
الأستاذالدكتورعطيه السيدوكيل كلية التربيةجامعةالأزهر
للدراسات العلياوالبحوث ,ومستشاررئيس مجلس إدارةالهيئةالقومية
لضمان جودةالتعليم والإعتماد
ads

اضف تعليق