ads
رئيس التحرير
ads

قيم تعليمية في ثقافة احترام النظام العام ” المٌعلِّم وثقافة الوعى بالقانون” (20) بقلم.🖊 الأستاذ الدكتور/ أحمد الشرقاوي رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية

الخميس 04-01-2024 21:58

كتب

لقد أصبح الوعى بالقانون من جملة الأنماط الحيايتة الضرورية للمعلم،
فالقانون هو مجموعة القواعد التشريعية الملزمة التي تنظم – على سبيل الإلزام – سلوك الأشخاص في المجتمع، وتحكم العلاقات الجارية فيما بينهم، وهذه التشريعات تشمل الدستور والقوانين واللوائح وشبهها على اختلاف أنواعها ومصادرها، وهذه التشريعات إنما تعكس حقيقة الواقع المجتمعي للدولة، من حيث تقنين عوائدها الجارية، وأعرافها المتواترة، وأنماطها السارية، وتقاليدها الأصيلة.
وعليه فينبغى على المعلم أن يحصِّل ولو الحد الأدنى من الثقافة القانونية التى تتصل بجوهر عمله ومهام وظيفته وخاصّة رسالته، فبالثقافة القانونية يدرك المعلم معنى القواعد الدستورية التى تحكم البلاد وتنظم الحقوق والحريات، فالدستور يعد الوثيقة القانونية العليا التى تتناسب نصوصها مع روح العصر، وتتناغم قواعدها مع واقعه المعيش، والدستور بهذا المعنى هو الذي يناط به تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبيان قواعد هذه العلاقة، ويحدد نظام الحكم الذي يسود في البلاد ويحدد طبيعته الدستورية- نظام برلماني، أو نظام رئاسي، أو نظام مختلط – وبيان أسس الديمقراطية المعتبرة في المجتمع، طلبًا ومشاركة، ترشحًا وانتخابًا، فضلًا عن اشتماله على القواعد المعنية بضمان الحقوق المعتبرة وصون الحريات العامة في المجتمع بأكمله.
وبناء عليه أقول: إن الوعى بالقانون يعنى اليقظة التامة والفهم المستقيم، وغير ذلك مما يسهم في تحصيل نوع ثقافة قانونية لدى المعلم في خاصة نفسه وتشريعاته المعنية بمهام وظيفته، فضلًا عن بيان حقوقه وصون حريته، وغير ذلك مما يتعلق بالنظم التشريعية السائدة في مجتمعه الذي يعيش فيه، فهذه التشريعات توضح ما يجرى في هذا المجتمع من قواعد معتبرة، وأعراف جارية ونصوص قانونية، تنظم على سبيل الإلزام سلوك الافراد فى هذا المجتمع، وتوضح ما يحيط به من أعراف وتقاليد، وعلوم وفنون، وقواعد تشريعية تعكس واقع المجتمع وما يسير عليه في أنظمة حكمه، وآداب أهله، وطباع أفراده، وعوائد المنتسبين إليه، ولا شك أن للمؤسسات التعليمية دورها البالغ فى نشر ثقافة الوعى بالقانون بين المعلمين والمتعلمين بل والمواطنين أجمعين، فيعرف المعلم اللغة الرسمية المعتبرة قانونًا في مجتمعه الذي يعيش فيه، ويدرك أنها هي اللغة المخصوصة دون غيرها في جميع الأنماط الحياتية والتصرفات القانونية والقضائية بنص الدستور، وكذلك جريانها في المؤسسات التعليمية الرسمية في الدولة، تعليمًا وتعلمًا، ومن ثم فيعتز بهذه اللغة مكانة وتقديرًا وتعظيمًا، نطقًا وثقافة، كما أنه يدرك أن قواعد الأخلاق إنما تقاسم نصوص القانون في استقرار المجتمع واستتباب أمنه، واستبقاء حيائه وأدبه العام. وعليه فينبغي علي المعلم أن يكون مدركَا لواقعه، ملمَا بقانونه الذي يحكمه أو يحتكم إليه عند الحاجة، فتتأتى له القوة والهيبة من ذلك قطعًا، فيكون قويًا في علمه، محيطًا بثقافة مجتمعه، مدركًا لقانونه، الذي ينظم سلوكه ويحكم تصرفه، ومن ثم فيُحَصِّل الهيبة والوقار المجتمعي، سيما إذا اقترنت هذه الثقافة القانونية بعلم معتبر، وفقه محترم، وأمانة حاضرة، وعين ثاقبة، ومسيرة محمودة، وكفاءة مشهودة، فإذا حصَّل المعلم هذه الثقافة القانونية – ولو في حدها الأدنى- استطاع أن يحمى حقوقه ويصون حرياته المعتبرة قانونًا، كما أنه يتمتع باكتساب الحق الذي يتقرر له، ويبذل على الفور الواجب الذي تقرر عليه دون مماطلة أو ممايلة، وهذا لا يتأتى إلا بتمام الفائدة وكمال المعرفة بالثقافة القانونية، كما تتجلى ثمرة الثقافة القانونية لدى المعلم في كونه يستطيع أن يفَّرق بين عبارات ومصطلحات متعددة تجرى فى الواقع المجتمعي بدوام واطراد، من ذلك مثلا التفرقة بين عبارة هيئة التعليم وعبارة هيئة التدريس، فمن وجوه التفرقة بين العبارتين أن عبارة هيئة التعليم نطاقها التعليم قبل الجامعي، وعبارة هيئة التدريس نطاقها ومجالها التعليم الجامعي، ومن ثم فقد تباعد نطاق الأمرين وتباين أمر المجالين، وغير ذلك مما يمايز بينهما، كما يستطيع المعلم أن يفرَّق بين قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016م، الذي يعد الشريعة العامة في الوظائف المدنية في الدولة والمبيّن للحقوق والواجبات الوظيفية وغيره من القوانين الأخرى ذات الصلة بوظيفة التعليم، كما هو شأن قانون المعلم بالتربية والتعليم رقم 155 لسنة 2007م، وقانون المعلمين بالمعاهد الأزهرية رقم 156 لسنة 2007م والتعديلات الواردة عليهما، ومن ثم فيجتهد المعلم لأن يكون صاحب ثقافة قانونية؛ يدرك بموجبها ما له وما عليه، فضلًا عن تحصيله المعرفة التامة بحدود رسالته الأصيلة في التعليم والتعلم، فيقف بذلك على دقة التفرقة بين رسالة البيان، التى هي مهمة الحكماء والعلماء، ورسالة الإلزام التى هي من جملة مهام الحكام والرؤساء.
ads

اضف تعليق