ads
رئيس التحرير
ads

” ثقافة الوعي بالواقع ” (16) بقلم الأستاذ الدكتور أحمد الشرقاوي رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية.

الخميس 16-11-2023 00:15

كتب

إن إدراك الواقع جزء من الحكم،
فمن حصَّل العلم دون أن يدرك الواقع بأحداثه ووقائعه المعاصرة فلا أثر لعلمه ولا ثمرة لفقهه،
لأن الفقه معناه مطلق الفهم، فلابد من إدارك الواقع والإحاطة بوقائعه ودقائقه المعتبرة، من علوم وفنون وأعراف وعادات وتقاليد أصيلة، وأقضية الواقع المعيش وأحداثها المتغيرة، فضلًا عن العلم بالأحكام الشرعية ومصادرها الأصيلة.
ومن قبيل الفهم الذي أرساه العلماء في الواقع المعيش أنه لو قال قائل قول يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجها، ويحتمل الإيمان من وجه واحد وجب حمله على الوجه الذي يحتمل الإيمان دون الأوجه التى تحتمل الكفر، إذن فإن فهم الواقع بأحداثه المختلفة وأقضيته المتغايرة له اعتبار في بناء الحكم وله اعتبار أيضا في التطبييق.
هذا،
وإن ما يحاك الآن بالدولة المصرية لهو خير دليل على وجوب إيقاظ الوعي بالواقع الذي نعيش فيه، فتارة يعمل خصوم مصر على تعكير صفوها، وتهديد أمنها وتقويض أمانها وسلامها،
وذلك بإثارة أسباب التنازع حول تجاذب الديمقراطية والمشاركة في الحياة الساسية،
وتقليب الأمور والوقائع المتعلقة بتقرير الحقوق في هذا الشأن،
وتارة أخرى بالعمل نحو إثارة أسباب الفوضى وتغذية الأسماع والأفكار بدعاوى كاذبة تحدث فجوة بين أفراد المجتمع،
وثالثة بتشويه صورة الإسلام في نظر أهله وذويه،
بالنيل منه والتشكيك فيه، والمساس بقواعده وأصوله،
إلى غير ذلك مما يتصل بالقضايا المطروحة على الساحة الوطنية والعربية والدولية،
فضلا عن استدامة تهديد الدولة في أمنها القومي وإقليمها الاستراتيجي، وكذا تزوير الحقائق التاريخية،
والتلاعب بسطور التاريخ المعتبرة في قضية سيناء الباسلة،
وتوسيع دائرة الطمع فيها،
باعتبارها وطنًا بديلا لأهل غزة الأحرار الأطهار أو تصويرها كذلك،
بالإضافة إلى قضية غ-زة نفسها وتوابعها،
وهذا كله وغيره مما يثار في البقاع الطاهرة من أرض مصر وغيرها من البقاع العامرة على أيدى أخصام الدولة المصرية،
وعلى أيدى الفئة الظالمة الجائرة من صهاينة العصر،
يعد من أفرض الفروض الدينية ومن أوجب الضرورات الإنسانية والحياتية، ومن ثم:
فقد وجب أن ترث الأجيال الحالية العلم والمعرفة بحقيقة الواقع المعيش وأن تتناقل هذه المعرفة بضروبها وفنونها بين المعلمين والمتعلمين،
فضلا عن نشرها ثقافة بين الأوساط التعليمية والفقهية والبحثية والإفتائية المعتبرة في هذا الشأن،
وإن غياب هذا الوعي أو تفلته أضر على النشء والشباب وعلى الدولة ذاتها من احتلال أرضها، أو تجفيف مائها،
فلا أمن ولا سلام في مجتمع ما إذا غاب وعي أفراده ونشئه عن قضايا الواقع الذي يعيشون فيه،
فهذه القضايا وأشباهها إن قدمت فهي جزء من تاريخه، وإن تعاصرت فهي مرآة واقعه وعنوان حاضره.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات كلها يأتي دور مؤسسة الأزهر الشريف والمؤسسات التعليمية الأخرى في بيان حقيقة ما يجرى في الواقع المعيش وأقضيته الشائكة والمعاصرة،
بحسبانها المؤسسات التعليمية الأمينة على تحصين أفكار شبابنا، وبيان صحيح ديننا، وسماحة شرعنا، وجمال علومنا، وصحة تاريخنا، وقوة وحدتنا، وصفاء مشاربنا،
وحكمة ولاة أمورنا، وشجاعة علمائنا،
وذلك استجابة لما نادت به رسالة السماء أهل الأرض في شأن وجوب تطبيق قواعد العدل والإنصاف،
وتعظيم قيم المعروف، وإجراء العرف على وجهه وسياقه، وإرساء دعائم العدالة المعتبرة في دنيا الناس، علومًا وفنونًا، منهجًا وأخلاقًا، تصرفًا وسلوكًا، نماءً وعطاءً.
بقلم/ الأستاذ الدكتور أحمد الشرقاوي
رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم
بقطاع المعاهد الأزهرية.
ads

اضف تعليق