ads
رئيس التحرير
ads

رمضانيات… عدِّدْ مواضع سجودك … تَكْثُر شهودك. للأستاذ الدكتور/ غانم السعيد عميد كليتى الإعلام واللغة العربية السابق

الإثنين 17-04-2023 01:37

كتب

إن من الأمور التي تغيب عن بال كثير منا أن يقصر صلاته على مكان معين سواء في بيته، أم في مسجده، ولا يعلم أن من الأفضل له أن يعدد أماكن سجوده وأعماله الصالحة؛ لأن كل مكان كانت له فيه سجدة، أو عمل فيه عملا صالحا، كقراءة القرآن، ودروس العلم ، وإطعام الطعام .. الخ من سائر الأعمال الصالحة، ستأتي هذه الأماكن شاهدة له يوم القيامة، وكذلك كل من مكان عصى الله فيه سيشهد عليه يوم القيامة، وهذا ما تؤكد عليه الآية الكريمة، في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ ، وقد فسر معناها رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم – فيما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – حيث قال-: قرأ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم -: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾، ثُمَّ قَالَ: ((أتَدْرونَ مَا أخْبَارهَا))؟ قالوا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: ((فإنَّ أخْبَارَهَا أنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلّ عَبْدٍ أَوْ أمَةٍ بما عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا تَقُولُ: عَملْتَ كَذَا وكَذَا في يَومِ كَذَا وكَذَا فَهذِهِ أخْبَارُهَا)) رواه الترمذي، وَقالَ: ((حديث حسن صحيح)).
نعم:
إن الأرض ستتكلم بأمر من الله، و ستشهد لأهل المعاصي والذنوب بما فعلوه، وتقول بلسان فصيح: فلان شرب الخمر مع فلان، وفلان ذهب إلى الفجور في مكان كذا، وارتكب الفواحش في مكان كذا، وفلان خان الأمانة ،، وفلان سرق أموال الناس وأكل مال اليتيم،، وفلان غش في بيعه ودلس، وفلان ظلم، وطغى، وفلان أكل الحرام وشهد الزور،.
كما ستشهد كذلك لأهل الخير بالخير وستقول: فلان سجد على ظهري وبكى، وفلان تلا كتاب الله وتدبره وعمل به، وفلان سعى إلى المساجد فصلى وخشع واهتدى، وفلان نصر مظلوما ورد ظلما، وفلان تصدق على الفقراء والمساكين.. وكلما تعددت أماكن الأعمال الصالحة كلما كثر لشهود ، ولهذا يقول الصحابي الجليل أبو الدرداء – رضي الله عنه – (اذكروا الله عند كل حُجيرة وشجيرة لعلها تأتي يوم القيامة تشهد لكم)، وهذا ابن عمر (رضي الله عنهما) يقول: (من سجد في موضع عند شجر أو حجر شهد له يوم القيامة عند الله). وقال عطاء الخراساني: (ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة، وبكت عليه يوم يموت).
وعن الحكم- رضي الله عنه- قال: (رأيت أبا أُميَّة صلَّى في المسجد الحرام الصَّلاة المكتوبة، ثمَّ تقدَّم فجعل يصلِّي هَهُنا وهَهُنا، فلما فرغ قلت له: ما هذا الَّذي رأيتك تصنع؟ قال: قرأت هذه الآية ﴿ يومئذٍ تُحَدِّثُ أخبارَها ﴾ فأردت أن تشهد لي يوم القيامة)..هذا درس من أبي أُميَّة لكل مسلم أن لا بقصر صلاته وأعماله الصالحة على مكان واحد، بل علينا أن نعدد من أماكن صلاتنا وعباداتنا ليكثر الشهود على طاعة العبد لربه يوم القيامة.
وبينما أبو أمية – رضي الله عنه- ينبهنا من خلال عمله هذا إلى شهود سيشهدون لنا يوم القيامة وعلينا أن نكثر منهم فنعدد أماكن سجودنا وعباداتنا إذ بنا نشاهد كثيرا من المسلمين وبخاصة الكبار منهم من يلزم مكانا معينا في المسجد، ويجعله مصلاه الخاص به، ولا يقبل أن يصلي فيه غيره، وأحيانا تحدث بسبب ذلك خلافات قد تؤدي إلى مشكلات بين رواد المسجد بسبب هذه الأمور البعيدة كل البعد عن حقيقة الإسلام وجوهره.
ads

اضف تعليق