ads
رئيس التحرير
ads

فضيلةأ.د.محمد المحرصاوي نائب رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر،رئيس جامعة الأزهر السابق ونائب رئيس مجلس إدارة اتحاد الجامعات الإفريقية يكتب:مقدمة الطبعة الثامنة (الدرر السنية في قواعداللغة العربية )

السبت 01-04-2023 18:24

كتب

مقدمة الطبعة الثامنة
بسم الله الرحمن الحيم
{الْحَمْدُ لله الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا الله } [الأعراف من/٤٣] ، والصلاة والسلامُ على خير رُسُل الله ، محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه .
أمَّا بعدُ …
فأقول : « ها أنا ذا أعيدُ طباعةَ هذا الكتابِ … » ،
بعـد ما كان يُقال : « ها نحنُ أولاءِ نُعيدُ طباعةَ هذا الكتابِ … » .
لقد انتقل إلى الرفيق الأعلى توأمُ رُوحي ،
وصديقُ عمرى ، ورفيقُ دربي ،
وشريكُ حياتي العلمية ، أخي العزيزُ ، وصديقي الكريمُ ،
وخِلِّي الوفيُّ : أ.د / عادل محمود محمد سرور ،
صباحَ يوم الجمعة ، غرة شهر الله المحرم عام 1439هـ ، الموافق الثاني والعشرين من شهر سبتمبر عام 2017م ،
عن عمر يناهز سبعةً وخمسين عامًا ؛
حيث وُلِدَ في الخامسِ من شهر يونيو عام 1960م .
تعارفْنا في كلية اللغة العربية بالقاهرة عام 1981م ، فتزاملنا ، فتصادقنا ، فتخاللنا ، حتى أصبح كلُّ واحدٍ منَّا يُعرَفُ بالآخر .
وكان نعيي له بقولي : « كنَّا رُوحًا واحدةً في جَسَدَين ، فأصبحتُ الآن أعيشُ بنِصْفِ رُوحٍ مكلومةٍ » ، كلمات وجيزة جدًّا لكنها كانتْ تعبِّرُ عن الحالةِ النفسيةِ التي أعيشُها ، وعن العلاقة الوجدانية التي بيننا .
لا أذكرُ أننا تخاصمْنا أو اختلفنا منذ أنْ تعارفْنا منذ ما يزيدُ على أربعين عامًا ، وما ذلك إلا لصدقِ نياتنا في هذه الصداقةِ التي لم تَشُبْها مصلحةٌ دنيويةٌ أو منفعةٌ شخصيةٌ ، بل كانتْ هذه الصداقةُ يُضرَبُ بها المثلُ في التَّرابُط ، وكم حاول مغرضون إفسادَها ، ولكن هيهات .
ومِنْ شدةِ ارتباطنا حضرتُ صلاةَ الجنازة بمسجد الدالي ببيجام بشبرا الخيمة ، ولم أستطعْ التقدمَ للإمامة ، ولم أستطع النزولَ إلى القبر ، بل لم أستطعْ أنْ أتكلمَ عنه في عزائه ؛ لأنِّي لم أتمالكْ نفسي في الحديثِ عن نفسي .
ومِنْ ذكرياتي معه في تأليفِ هذا الكتابِ أنِّي في صيف عام 1996م بدأتُ تأليفَ كتابِ ( نُزهة الطَّرف في النحو والصرف ) ، فاطَّلع ـ رحمه الله ـ على بداياتِ العملِ فيه ، ثم اتفقْنا على أنْ نَعملَ معًا في إخراجِ كتابٍ بعنوان ( الدُّرَر السَّنية في قواعد العربية ) فصرفتُ النظرَ عن الكتاب السابق ، وبدأنا العملَ في هذا الكتابِ : فكنتُ أكتبُ وهو يقرأُ ويسجلُ ملحوظاتِه ، وكان يكتبُ وأنا أقرأ وأسجلُ ملحوظاتي ، ثم نجتمعُ ونتناقشُ حتى نصلَ إلى ما نتفقُ عليه ، وبسبب هذا المنهج لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يقولَ : هذا الموضوعُ كتبه هو أو كتبتُه أنا ؛ وكان هذا بسبب التلاقي الرُّوحي مع اتحادِ المشربِ ، ومِنْ بركة ذلك أنْ رُزِقَ هذا الكتابُ القبولَ عند الخاصة والعامة .
ومِنْ طريف ما يُذكَرُ أنه ـ رحمه الله ـ كان يُصِرُّ على ذكر أسماء أبنائي في أمثلته، وكنتُ أفعلُ مثلَه فأذكر في أمثلتي اسمَه وأسماءَ أبنائه وأسماءَ بعضِ عائلته .
وكان ـ رحمه الله ـ مُولعًا بالعِلَلِ النَّحويةِ والصَّرفيةِ ، ومما ذكرتُه تعليقًا على تعليلٍ له لإحدى المسائل نشره على صفحته ( الفيس بوك ) وأوردته في ( الدرر السنية3/25 ) وكنت أقصدُه ( قولي لأحد العلماء : ما أجْمَلَ دُرَرَكَ ! وما أوْضَحَ عِلَلَكَ ! وما أفْضَلَ عَرْضَكَ ! وما أحْلَى كَلامَكَ ! ، بُورِكْتَ وبُورِكَ قَلمُك وفِكْرُك ) .
وكان يمتلكُ أدواتِ البحثِ العلميِّ ، ومطلعًا على كُتب التراث ، ومستوعبًا لها ، ومُدركًا لأساليبِ القدماءِ ومصطلحاتِهم .
وهذه هي مؤلفاته المطبوعة :
1 ـ الإيضاح والإكمال لقَوْلِ المُعرِبينَ : الجُمَلُ بعدَ النكِراتِ صفاتٌ وبعدَ المعارفِ أحوالٌ ، ط الجريسي ـ 2002م .
2 ـ الإقحام في التراكيب العربية ، دراسة في ضوء التراث النحوي ، مجلة كلية الآداب ـ جامعة المنصورة ، العدد (37) 2005م .
3 ـ اللبس ووسائل رفعه في الدرس الصرفي ، مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة ، العدد (26) 2007م .
4 ـ تيسير المقصود مِنْ تفسير أبي السعود ، الأحساء ، 1427هـ .
5 ـ تطبيقات نحوية في النداء والممنوع من الصرف وإعراب الفعل ، الأحساء ، 1429هـ .
6 ـ إعراب الفعل ، ط دار الأقصى ـ 1433هـ 2012م .
7 ـ تعارُض المانع والمقتضي في ضوء التراث النحوي والصرفي ، مجلة قطاع كليات اللغة العربية ، العدد (10) 2016م .
8 ـ ميزان الذهب في مسائل الخلاف بين سيبويه والمبرد في التصغير والنسب ، مجلة قطاع كليات اللغة العربية ، العدد (11) 2017م .
وغير ذلك من الموضوعات التي لم يتمها .
هذا بالإضافةِ إلى أنَّه كان يتمتعُ بأُذُنٍ موسيقية ، ولذلك كان متقنًا لعِلْمِ العَرُوض ، مميزًا لصحيحِ الوزن مِنْ مكسوره .
لا يكادُ يمرُّ يومٌ إلا وأُحسُّ أنَّه معي ، ويزدادُ هذا الإحساسُ حينما أراجعُ ( الدُّرَر السَّنية ) ، وأستحضرُ المناقشاتِ التي كانتْ تدورُ بيننا .
كان لسانُه رطبًا بذكرِ الله ، والصلاةِ والسلامِ على سيدِنا رسولِ الله ، لا تفارقُه مِسْبَحتُه .
وقد حباه اللهُ بصوتٍ نديٍّ ، وكثيرًا ما كان يشنِّفُ آذانَنا مترنمًا بأبياتٍ مِن بُردة البوصيري .
وكان خطيبًا مفوهًا ، وعالمًا مبرزًا ، لا تقف كلماتُه عند الآذان بل تتغلغل حتى تصلَ إلى القلوب .
ولا أنسى جِلْسَتَه الأسبوعيةَ عَقِبَ صلاةِ الجمعةِ في بيته أو في بيت الحاج عبد الحميد الدالي ـ رحمه الله ـ ونحن نُنْشِدُ منظومةَ الشيخ الدرديري ، ونقرأ سورة يس مع الأدعية المختارة .
فكان مُحِبًّا صُحبةَ الصالحين ، ومُرافقةَ المريدين ، وأُنْسَ المقربين .
وكان أنموذجًا في التواضعِ والتسامحِ ، وكان له مِن اسمِه نصيبٌ ، فكان عادلًا ، بَشوشًا ، ضَحوكًا مع هيبةٍ ووقارٍ ، كريمًا في سخاءٍ ، زاهدًا بلا تكلُّفٍ .
وكان بارًّا بوالديه وأهلِه ، مُوقِّرًا ومُقدِّرًا لأساتذتِه وشيوخِه ، محبًّا لزملائه وأصدقائه ، أمينًا في نُصحِه وإرشادِه للباحثين ، مخلصًا في شرحِه لطلابه ، عَطوفًا على الصِّغار ، وافيًا بالوعود ، عزيزَ النفسِ ، خدومًا للجميع فكان سيِّدًا.
وكان سريعَ البديهة ، حاضرَ الجواب ، حسنَ التَّصَرُّفِ في أصعب المواقفِ دونَ إساءةٍ لأحدٍ .
ذكرياتٌ لا يَمحوها الزَّمنُ .
رحم الله الوليَّ التقيَّ النقيَّ ، العالمَ العارفَ العابدَ ، ورضي عنه وأرضاه وأسكنه الفردوسَ الأعلى، مع الذين أنعم الله عليهم من النيِّين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أؤلئك رفيقًا.
ونسألُ الله ـ عزَّ وجلَّ ـ حُسْنَ الخاتمة .
 
قد تكون صورة ‏‏‏شخصين‏، و‏نصب تذكاري‏‏ و‏نص‏‏
 
ads

اضف تعليق