ads
رئيس التحرير
ads

رحم الله زمنا كان فيه العرب سادة الدنيا…للأستاذالدكتور/غانم السعيد عميدكليتي الإعلام واللغة العربية بالأزهرسابقاّ

الثلاثاء 06-12-2022 00:35

كتب

عندما تُذكر بلاد الأندلس ( أسبانيا والبرتغال حاليا) تصيبني حالة من التناقض النفسي، فأنا حينما أقرأ عن الأندلسيين، وأقف على إبداعهم الأدبي، والفني ، والمعماري، وإنجازاتهم العلمية المبهرة، أشعر بالفخر والعزة، ويجذبني حنين إلى ذلك الماضي الماجد التليد، وفي ذات الوقت تصيبني حالة من الحزن المؤلم، والأسى الأسيف على هؤلاء العرب الأماجد الذين شيدوا هذه الحضارة العظيمة، بجلالها العلمي، وجمالها الفني والإبداعي حتى كانت حاضرة الدنيا شرقا وغربا.
وبعد أن استوطنوا هذه البلاد، وشيدوا فيها تلك الحضارة الباذخة البنيان والعماد لمدة تزيد عن ثمانية قرون، إذ بهم تتنازعهم الأهواء و تتلقفهم المطامع بعد أن غرقوا في الترف والنعيم، فما من نزاع إلا وعاقبته فشل وضياع وضعف يُطمِع الطامعين، ويغري المستعمرين، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم[ أي مهابتكم من قلوب أعدائكم].
وما من ترف إلا ويصحبه فسوق ولهو ومجون ، وهذا ما حدث في هذه البلاد فكان لا بد أن تنفذ فيهم سنة من سنن الله الكونية، وهي المحو والتدمير والاندثار، قال تعالى:{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا}.
وتحقيقا لهذه السنة الإلهية لفظتهم هذه البلاد، وذهب عنهم كل ترف ونعيم، حتى إنك إذا ذهبت لهذه البلاد اليوم تشعر وكأنه لم يدخلها يوما أمة اسمها (العرب)، ولم تقم فيها أعظم خلافة أموية، كانت هي الأقوى والأكثر تحضرا من أي أمة في ذلك الوقت، وكان من تلك الآثار التي خلفها العرب هناك، -والتي أصيب عند مشاهدتها بالحسرة والحزن على ما آلت إليه هذه البلاد، بعد أن استولى عليها الأسبان – مشاهدتي لما يعرف ب (بهو السباع)، وهو أحد أهم أجنحة قصر الحمراء في غرناطة.
ويعود إنشاء هذا البهو إلى السلطان الخامس سلطان غرناطة بعد تقسيم البلاد إلى دويلات.
ويتوسط هذا البهو – كما واضح بالصورة – ما يعرف بنافورة السباع، وهي معجزة علمية للعرب هناك لا تقل أهمية عن آثار المصريين القدماء، وإلى الآن لم يستطع المهندسون المعماريون من الأسبان أن يعرفوا أسرارها.
وهذه الساعة السباعية التي صممها وبناها معماريون عرب مسلمون في بلاد الأندلس آنذاك هي عبارة عن نافورة مياه يحمل حوضها المرمري المستدير الضخم اثنا عشر أسدا صُفَّت بشكل دائري ليقوم كل أسد بقذف الماء من فمه لتتدفق المياه من أفواه الأسود ساعة بعد ساعة، وأسدا بعد أسد، بمعنى أن الأسد الأول يبدأ في قذف الماء من فمه عندما تبدأ الساعة الأولى من النهار، فإذا مرت الساعة الأولى توقف عن القذف، ليبدأ الذي يليه حتى إذا مرت ساعة توقف هو الآخر وبدأ الذي بعده وهكذا إلى آخر سبع، فمن يريد أن يعرف في أي ساعة هو عرفها من الأسد الذي يقذف الماء على حسب ترتيبه في مجموعة السباع، فإن كان الذي يقذف الماء مثلا هو الرابع كانت الساعة الرابعة وهكذا دواليك.
وذلك كله من خلال نظرية هندسية عربية معقدة لم يتم اكتشافها حتى الآن فهي لاتدور بماتور ولا بأي وسيلة دفع أخرى.
قد تكون صورة ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏ و‏نصب تذكاري‏‏
 
ads

اضف تعليق